[ سراج ]

"وما نيل المطالب بالتمني... ولكن تؤخذ الدنيا كدهه" مولانا المسيري .....| | | | |..... "عندما نعرف لماذا نعيش... سيكون من السهل أن نعرف كيف نعيش" نيتشه .....| | | | |..... "عندما تريد شيئا بإخلاص يتآزر العالم معك ليساعدك علي تحقيق ما تحلم به|" باولو كويهليو .....| | | | |..... "لا يهم من أين نبدأ... بل أين ننتهي" أستاذتي هبة .....| | | | |..... "الحياة إما أن تكون مغامرة جريئة أو لا شيء" هيلين كيلر .....| | | | |..... "المغامرات هي بـهجة الحياة" تشسترتون .....| | | | |..... "إن بهجة الحياة ليست شيئا آخر سوى احتمال تحقيق الحلم" كويهليو .....| | | | |..... "إذا ظننت أنك تقدر أو أنك لا تقدر... فأنت غالبا علي حق" هنري فورد .....| | | | |..... "ما دام الأمل طريقا فسنحياه، فإما وجدناه بأيدينا صنعناه" عبد الرحمن حسام .....| | | | |..... "النور يخترق الظلام... أما الأمل فيخترق كل شيء" .....| | | | |..... "المنطلق... فؤاد سمق، وحلم سبق، ونسر يطير قد انطلق" عمرو أشرف .....| | | | |..... "لا تستسلم أبدا... من يمتلك الأمل يمتلك كل شيء!" .....| | | | |..... "ما دامت هناك حياة... فهناك أمل" .....| | | | |..... "ركز علي قدراتك بدلا من التفكير في القيود التي تحد من انطلاقاتك" .....| | | | |..... "فرحة واحدة تبدد مئات الأحزان!" كونفشيوس .....| | | | |..... "الذي يحيى بالثقة تحييه الثقة... والذي لا يبالي بالهم لا يبالي الهم به!" .....| | | | |..... "المؤمن الضعيف يتعلل بالقضاء والقدر... والمؤمن القوي هو قضاء الله وقدره في الأرض" محمد إقبال .....| | | | |..... "ما دمنا أحياء، تبقي عزائمنا تدفع عقارب ساعاتنا... لننطلق نحو المستقبل.ونسمو بأرواحنا نحو الآفاق... ننطلق بلا حدود!" عبد الرحمن منصور .....| | | | |..... "نحن نتعثر لكي ننهض، ونهزم في المعارك لكي نحرز نصرا أروع... تماما كما ننام لكي نصحو أكثر قوة ونشاطا" .....| | | | |..... "ليس هناك سبب للحب؛ الإنسان يحب لأنه يحب" كويهليو .....| | | | |..... "الحب نور من أنوار الله" عبد الرحمن حسام .....| | | | |..... "الحب قوة تسمو بالإنسان، كما أن غيابها يدمره" كويهليو .....| | | | |..... "طالما أن الشجرة ليست يابسة، فإنها تستطيع الاستمتاع بالربيع" كولن .....| | | | |..... "ولقد شهدت جماله في ذاتي، حين صفت وانصقلت مرآتي" مولانا جلال الدين الرومي .....| | | | |..... "الراحمون يرحمهم الرحمن" النبي محمد .....| | | | |..... "لا تسيء تقدير قوة الأحلام وتأثير العزيمة الداخلية للإنسان... فكلنا سواء في أننا نملك بذور العظمة الكامنة في داخلنا" .....| | | | |..... "من المؤكد أنه لم يحدث أي شيء عظيم في هذه الدنيا، إلا إذا كان وراءه حماس عظيم" هيجل .....| | | | |..... "الأعمال العظيمة يتم آداؤها بالمثابرة، وليس بالقوة!" صامويل جونسون .....| | | | |..... "لتحقيق إنجازات عظيمة نحتاج لأمرين: خطة ووقت!" .....| | | | |..... "من عجائب الحياة أنك إذا رفضت كل ما هو دون مستوى القمة، فإنك ستصل إليها" .....| | | | |..... "إذا أنت لم تزد شيئا علي الدنيا، كنت أنت زائدا عليها" الرافعي .....| | | | |..... "أينما كنت... افعل ما تستطيع، بما تملك" روزفلت .....| | | | |..... "إن نماء الأوطان ببناء الإنسان" عبد الرحمن حسام .....| | | | |..... "سنهزم تحدياتنا بالحب" .....| | | | |..... "علي قدر أهل العزم تأتي العزائم، وتأتي علي قدر الكرام المكارم" .....| | | | |..... "ما هي الظروف؟ الإنسان هو الذي يصنع الظروف" نابليون .....| | | | |..... "إذا لم يستجب أحد لندائك... فلتسر وحدك!" طاغور .....| | | | |..... "الصعب، نفعله فورا... أما المستحيل، فربما قد يستغرق وقتا أطول" .....| | | | |..... "الطموح هو ما يجعل من الطفل رجلا، ومن الرجل عظيما، ومن العظيم أسطورة حية" عمرو أشرف .....| | | | |..... "إذا كنت ذا رأي، فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تترددا... وإن كنت ذا عزم فأنفذه عاجلا، فإن فساد العزم أن يتقيدا" .....| | | | |..... "الشدائد تصنع الرجال، والعافية تنمي الأفكار... فلا الرجال بلا أفكار يستمرون، ولا أفكار الرجال بلا عافية تبقى" .....| | | | |..... "الإجابة الوحيدة علي الهزيمة هي الانتصار" تشرشل .....| | | | |..... "عندما يفوز أي إنسان وتسمو روحه، يفوز العالم كله معه... وعندما يخسر، يخسر العالم كله معه" غاندي .....| | | | |..... "لا يوجد شيء جميل أو قبيح، ولكن التفكير فيه يجعله كذلك" .....| | | | |..... "فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور" .....| | | | |..... "كل تحدٍ هو فرصة لا نهائية للنمو والسمو والعلو" عبد الرحمن حسام .....| | | | |..... "ما دامت النية خالصة، وما دام العقل يفكر... فانطلق، ودع يد الله تعمل في الخفاء" عبد الرحمن حسام .....| | | | |..... "أول الدروس: إخلاص النية، وصدق الطلب، ورجوع الافتقار" أستاذتي هبة .....| | | | |..... "من طلب ما يريدمن الله، فلن يبقى محروما" كولن .....| | | | |..... "عندما تنغلق في وجوهنا أبواب الأرض، سنظل نذكر أن للسماء أبوابا لا تضيق" عبد الرحمن حسام .....| | | | |..... "الدعاء سحر يمنح الإرادة جناحين" كولن .....| | | | |..... "إن الإنسان يدعو الله كي تتحقق المعجزات... ولكن لابد أن يعمل علي تحقيقها" دراكر .....| | | | |..... "البر لا يَبلى، والحب لا يُنسى، والخير كالطاقة لا يتبدد... وإنما يتحول من صورة إلي أخرى" عبد الرحمن حسام .....| | | | |..... "ابدأ وعينك علي النهاية" أستاذي أحمد محمد علي .....| | | | |..... "عندما تريد شيئا بإخلاص، يتآزر العالم كله ليساعدك علي تحقيق أحلامك" كويهليو .....| | | | |..... "تخيل أن الجميع مستنيرون إلا أنت" .....| | | | |..... "تواضع علي قدر علمك، بجهلك!" عبد الرحمن حسام .....| | | | |..... "لا يزال المرء عالما ما طلب العلم... حتى إذا قال علمت، فقد جهل" .....| | | | |..... "إذا وصلوا إليه لم يرجعوا عنه أبدا... إنما رجع من رجع عن الطريق" .....| | | | |..... "الحقيقة بحث لا وصول"، فـ"الرحلة نفسها هي المنتهى" .....| | | | |..... "قد يتشكك الناس فيما تقوله... لكنهم سيصدقون حتما ما تفعله" .....| | | | |..... "عمل رجل في ألف رجل، خير من قول ألف رجل لرجل" .....| | | | |..... "أدركنا أناسا يراءون بما يعملون فصاروا الآن يراءون بما لا يعملون" .....| | | | |..... "ليس الطريق بمن سبق... إنما الطريق بمن صدق" .....| | | | |..... "في كل مجتمع هناك عمل يجب أن ينجز، وفي كل أمة هناك جراح يجب أن تداوى، ونفوس يجب أن تواسى، وفي كل قلب هناك قدرة علي فعل ذلك" .....| | | | |..... "إذا صح منك العزم أرشدت للحيل" .....| | | | |..... "الحياة تريد أن تختبرك قبل أن تعطيك كنزك الموعود" كويهليو .....| | | | |..... "الطريق يصنعه المشي" كويهليو .....| | | | |..... "قليل من الغرق لا يضر... بئست حياة الأمان التي لا تسر" عبد الرحمن حسام .....| | | | |..... "ليست للحياة قيمة بدون حلم يستحق أن نناضل من أجله" .....| | | | |..... "إن بهجة الحياة ليست شيئا آخر غير احتمال تحقيق الحلم" كويهليو .....| | | | |..... "تنتهي القصص الخيالية دون غيرها بهذه الجملة: "ثم عاشوا في سعادة وهناء" دراكر .....| | | | |.....

21‏/09‏/2008

لا توقف ساعتك... أبدا! أبدا!

لا توقف ساعتك... أبدا! أبدا!



"لماذا لا يمضي الوقت سريعا؟"


لم يكن مجرد ضيق مثل ذلك الشعور الذي يصيب الطلبة في أول يوم دراسي، بل يبدو وكأن الزمن يعود بنا إلي الوراء!
هكذا بدا لي الأمر للوهلة الأولى، قبل أن أدرك أن تلك الساعة المعلقة أعلى المدرج متوقفة عن العمل، صعدت روح بطاريتها في سلام ففقدت الطاقة وبدت عابسة في سكون وألم حزين...


التفت بجواري، وجدت سلمى ولمياء...
أشرت إلي الساعة "الميتة" علي الحائط وسألت سلمى: "يا ترى يا سلمي لما بتشوفي عقارب الساعة واقفة بتحسي بإيه؟"...

تبسمت ضاحكة، قالت ببساطة: "معايا ساعة تانية!"، أدركت حينها معنى...


"بس أنا جالي إحساس تاني!"، حقا ظهرت فكرة أخرى في رأسي عندما رأيت تلك الساعة التي فقدت روحها ومصدر طاقتها...


"أيوة حضرتك؟"


الساعات كثيرة، ولدى الجميع، لديك علي الأقل واحدة، إذا قمت بتعطيلها أو أوقفتها فهذا يعني شيئا واحدا: ستستمر كل الساعات الأخرى في العمل والدوران والدق، وأنت مكانك، وهذا يعني أنك تتأخرين! لا توقفي ساعتك أبدا!


"عبد الرحمن! مش معقول، فلسفة في أول يوم دراسة!"، هكذا أنهت سلمى موضوع "الساعة"، واكتفت لمياء كعادتها ببسمة مشرقة.



ولكن هناك ما لا تعمله سلمي ولا لمياء ولا حتى أنا!


يا إلهي! لماذا تداعت إلي قلبي تلك المشاعر التي كنا نحسها عندما كنا أطفالا، من المؤكد أنك أيضا أتتك تلك الأفكار وارتسمت علي وجهك ضحكة شريرة: كان يبدو لنا أن إيقاف ساعة واحدة سيوقف الزمن تماما، يا للهول!


أود حقا أن أعرف!



يا عبدو، ويا سلمى، ويا لمياء، ويا كل إنسان...


لا توقف ساعتك أبدا! أبدا!


أملأها دوما بالطاقة، ازرعها حبا وسعادة، اغرس فيها طموحا وأملا بلا حدود، اجعل روحك شفافة باسمة، طر في سماء الوجد بقلبك، حلق ساميا...



بدأ عام جديد...

سنة جديدة، يعني ممكن نكون أحسن!

"ما دامت هناك حياة... فهناك أمل"!

و"إذا ظننت أنك تقدر، أو أنك لا تقدر، فأنت غالبا علي حق"...

"يللا نحلم أكتر... أكيد نقدر"!

12‏/09‏/2008

مدرسة الرحمة

مدرسة الرحمة



أستاذتي هبة


العشر الأوائل في رمضان أيام رحمة، والله حين يصطفي صفة ما لزمن ما فإنه يعلم العباد أن يتخلقوا بها في هذا الزمن بأكثر مما يفعلون في غيره، فالرحمة في رمضان رحمة..وزيادة، فقد اختار الله سبحانه لنفسه اسم الرحمن واسم الرحيم في مفتتح القرآن، وأراد أن تكون البسملة التي يبدأ بها المسلم كل أمره تذكرة برحمة مضاعفة.

وقد نزل الله في الفرقان/ الميزان أن رحمته وسعت كل شيء، وأنه سيكتبها للذين لا يريدون علواً، بل الراحمون الذين يترفقون بالخلائق كلها..وليس بالبشر فحسب، فكان ثواب من رحم الحيوان الجنة، وعقوبة من حبسه.. النار.

هذه الرحمة هي فيض العشر الأوائل من رمضان، وهي ليست رحمة الخلق الفردي فحسب بل هي أدب الأمة أيضاً.

فرمضان ليس شهر عبادة من أجل الخلاص الفردي يقيس المؤمن فيها نصيبه من الجنة بالشبر والذراع، بل هو شهر من شهور الأمة كي..تتراحم، لا بصدقة خفية أو أموال زكية، بل بتحول خلقي شامل كامل تتربي عليه الأمة في تلك الأيام، كما تتربي علي كظم الغيظ وترك الجدل في الحج، لا لتخرج من تلك الأزمنة لغيرها وقد تخلت عن ذاك الخلق.. بل لتستصحبه معها في بقية الأزمنة والأمكنة فترتقي عبادة بعد عبادة وعاماً بعد عام.

والحق أن فهم منهج القرآن يدلنا علي أن مقاصد الشرع نابضة في كل ما فرض الله أو ندب من أفعال وأقوال..وأحوال، لذا فإن «الرحمة وزيادة» التي نتعلمها من رمضان لا تقف عند حدود البر بين الناس علي مستوي تكافلي، بل ينبغي أن تمتد إلي السلوك الاجتماعي الأوسع بل والاقتصادي والسياسي الأشمل..فتعيد تلك الأيام -من أيام الله -تشكيل بنية علاقات القوة وتنقل العلاقات من التناحر المذموم للتدافع، ومن التدافع للتعارف، ومن التعارف للتراحم.

والحق أن الرحمة باب واسع يحتاج تفصيل، لكن حدودها ليست مائدة للرحمن تقام ولا بعضاً من الزاد يجاد به، بل هي في قلب القلب من تربية المؤمن وتهذيب الجماعة.

ففي التصور الإسلامي الرحمة مساحة رحبة من المناطق العازلة الاجتماعية التي تضمن إنسانية المجتمع، وتتيح الستر وتحض علي التوبة ودرء الحد. فالتسامح الاجتماعي وتقديم التنازل والعفو المتبادل هو منطق الشريعة التي تعلو بالإنسان، ومن هنا مقولة الرحمة فوق العدل، والأصل فيها أن العدل فوق نص القانون، ومنطق المجتمع -حال التعارض-فوق منطق الدولة، بدون أن يعني هذا استهانة بسيادة القانون.. لكن كما قيل: يجد للناس من الأقضية بقدر ما يحدثون من الفساد...أو بقدر ما ينتقصون من معايير الأخلاق.

رمضان موسم من مواسم التربية واستعادة النبوية.

وهناك أيضاً جانب مهم للرحمة في السنة النبوية، وهو التسامح في المعاملات، ففي المعاملات التجارية نص الحديث علي السماحة في البيع والشراء تقديمًا للعلاقة الإنسانية علي قيم السوق الشرسة، وتهذيبًا لنفس المؤمن من التكالب علي درهم أو دينار يزيد في الربح فيدوس من أجله في تنافس شرس علي قيم الأخوة، ودعا ألا يبيع بعضنا علي بيع بعض،أو يخطب علي خطبة أخيه، ورحم الله عبدًا سمحًا إذا باع سمحًا إذا اشتري سمحًا إذا اقتضي، كما أن هناك حضًا واضحًا علي العفو عن الدّيْن وعلي الصدقة الخفية، وكلها تجليات رحمة القلوب، وفي رمضان تتجلي بشكل واضح وجلي كي نراها إذا كنا قد غفلنا.

فالرحمة ليست خلقاً إسلاميًا فحسب، بل أداة للإدارة الاجتماعية، ونهج يدخل في السلوك اليومي للمسلم في بيته وفي متجره وفي الطريق وفي كل دائرة يدور فيها، قيمة نابعة منه هو لا تتوقف علي مسلك من تقع عليه الرحمة- أحسن أم أساء، فقد رحم الرسول في مكة والطائف من آذوه، ورحم في المدينة من كادوا له، ورحم فعفا في الفتح وأطلق من حاربوه، وفاضت رحمته فعذر بالجهل وتحمل غلظة صاحب الحق، وقد كان أورع الخلق وأحرصهم علي حدود الله، لكنه أراد أن تتعلم الأمة عدم التعالي بالطاعة أو الولع بالمطالبة بالحق غير منقوص حتي وإن كان ثمنه الاجتماعي فادحاً بل تتراحم عفواً وتعفو رحمة..لتسمو، بل وقد ترحم العاصي حين تورثه المعصية ذلاً وانكسارًا، كيما يسأل العبد الله العافية ولا يستكبر بالطاعة ويخفض جناحه رحمة بالخلق وجبرًا للضعف كما كان رسولنا -قدوة الأمة-يفعل، بدءاً من رحمته الفياضة.. بسؤال عن الجار المؤذي حين غاب أذاه، إلي المستوي السياسي العفو العام يوم الفتح، لا ثأر ولا تنكيل بل جبين عزيز ينحني شكرًا لله، ونفس سمحة تقبل من الغير الرجوع والتوبة، وترفع عن الحقد والحسد والغل، ورحمة يعكسها حديث: «شركم من لا يقيل عثرة ولا يقبل معذرة».

رمضان واحة لتلك المعاني المبثوثة في كل أزمنة المسلم وأمكنته ودورانه معها حيثما كان ومع كائن من كان، حتي الأسير من الأعداء فما بالنا بالعوان من الأقرباء.

اقرأوا سنة الرسول وكيف كان خلقه..الرحمة، كانت سبيله ومنهجه، وهذه هي رسالة الشهادة علي العالمين التي تجعل الإسلام منهجاً.. لحياة طيبة ..لنحمل معنا تلك المعاني في النفس ..بعد رمضان.

01‏/09‏/2008

أيام الله...









يهل علينا شهر خير من ألف شهر..أي خير من عمر كامل.. ليجدد للمؤمن عقيدته في أيام تقوي علاقته بربه: فريضة ورحمة..عبادة ومغفرة..تهجد وعتق، وهو شهر يجدد للأمة معرفتها برسالتها فتجتمع علي خير وبر وعبادة وتستشعر أمانتها تجاه عالم الغيب ..وعالم الشهادة، أيام جلاء وشحذ للوعي برسالة التوحيد الخالص لله تعالي...قراءة للوحي واتباع لهدي المصطفي واستباق للخيرات.


والحق أن رمضان مدرسة جامعة ، ففيه أداء شهادة العقيدة المتجددة لأن الصوم صلة بين العبد وربه ..لله وهو يجزي به، وفيه صلاة القيام تقوي معني «إقامة الصلاة» في حياة المسلم، وفيه ترويض الجسد وتهذيبه بالامتناع عن الطعام وعن الشهوات في نهار رمضان..فلا رهبانية في الإسلام بل هذا الجهاد المتجدد.. وتجديد النية، وفيه معني التزكية للذات وللمال بنافلة تزيد علي الفريضة، وقد يختار البعض أداء زكاته في رمضان ليزيد الله له في الأجر، وفيه توجه المسلمون للقبلة وتوحيدها برابطة عبادية وروح ربانية وتهذيب للألسنة والأفئدة ففيه ملمح من الحج.. ودروسه.

ورمضان مراجعة لمسيرة التاريخ، ففيه تذكير بنزول الوحي وبنصر الله في بدر، فأمة لا تعرف تاريخهاـ فتفاخر بانتصاراته وتتعلم من دروسه وتسترجع فلسفته وتجدد أمره- هي أمة منبتة الصلة بجذورها تسيح في تيه «الآن وهنا»، والإسلام برؤيته للتاريخ: مبتدأ..ورُجعي، أزل.. وأبد، دورات .وسنن، تدبير حكمة وجدلية تدافع ومسعي تعارف، إرادة الإنسان.. ومدد الله، قوة الحق وضعف كيد الشيطان، عزم أولي البصيرة والصدق ووهن وهوان إرادة الباطل...فمنطق رمضان يستدعي الغيب لساحة المادية ليحقق فلسفة الميزان ..بمثلما الحج تذكير بأنبياء الله ومسيرة الإسلام وشعائر الله عبر النبوات ومسار دعوتها في التاريخ، فالرؤية الإسلامية تحتفي بقيمة التاريخ وتواصله كما تحتفي بالزمن وفلسفته، فتلك الأيام هي «أيام الله»..وكل الأيام أيام الله ..لكن الله فضل بعض الأيام علي بعض وبعض البقاع علي بعض وبعض الأفعال علي بعض.

يصوم المؤمن ويجاهد جهاد النفس في موسم من مواسم الرحمة، فيدرك أن الزمن ليس آلة ميكانيكية تدق في إيقاع رتيب بل هو فيض من اللحظات وإشراق من الرحمات، وهو رأسمال العمر ..فيملأ أيامه ولياليه بالطاعات والاستغفار عما فات.

ورمضان استعادة لمركزية الغيب في التصور الإسلامي، ذلك الغيب الذي يوقن به المسلم فيدفعه للتخلي عن المتع العاجلة ابتغاء مرضاة الله، ولولا ذلك لما كان للصوم من قيمة، فالإنسان الذي يسعي للمتعة العاجلة، ولتعظيم منفعته المباشرة المادية لا يري في الصوم إلا معاناة لا جدوي منها ولا طائل من ورائها، فالصوم مدرسة اليقين وأحد مدارج السالكين في عالم مركزية الـ«أنا» وتلبيس منطق الحياة هوس المتعة الاستهلاكية، فيأتي رمضان ليكون ومضة نورانية تعيد توازن الدنيا والآخرة، الأنا والأمة، الـ«هنا» والملأ الأعلي.

وهو شهر يجتمع فيه الناس علي الإفطار فتتوثق عري الأسرة وتتواصل الأرحام، وتسري في الجماعة روح من البر والمودة والتراحم، فيدرك المسلم أن فردية الصوم في علاقة الفرد بربه محاطة بسياج من جماعية المقصد، فإسلام يري خلاص الفرد يوم القيامة عبر صلاح الجماعة يكرس في فرائضه هذا التلاحم بين الفردي والجماعي، والعبادي والاجتماعي..والخير المبسوط الكف لمن لا نعرف..من عرب وعجم..مسلمين ومؤمنين من أهل العقائد الأخري، ففلسفة الصوم مشتركة بين الأديان..والأوطان مساحات جامعة لتجليات الشرائع.

فرمضان مفردة من نموذج توحيدي جامع متكامل، وهو في الوقت ذاته يحمل في داخله كل عناصر هذا النموذج، ومن الأهمية بمكان أن يفهم الإنسان المسلم أن كل مفردة من مفردات الجزء تحمل مجمل خصائص الكل كما تحمل الخلية في جسد الإنسان بصمته الجينية وخريطتها الكاملة، لذا فإن معاني رمضان تسري في غيره من العبادات والشعائر.

يبقي أن نستوعب أن رمضان شهر للنهضة، فمفتاح النهضة في الرؤية الإسلامية وعي وتعاون وقيام وقوامة وحساب لقيامة:

> وعي برسالية المسلم ومسئوليته عن العالم، وكيف ينهض بالعالم بغير قلب موصول بالله وروح تستلهم منه القوة

> وتعاون علي الحق والصبر، وكيف تنهض أمة تتشظي أفراداً وأحزاباً فلا تصطف كالبنيان المرصوص..هذا الصف الذي يرمز له اصطفاف المصلين في ساحات المساجد.

*وقيام بالأمانة وقوامة: وكيف يقوم بالقسط ويقوم لله ليكون شهيداً علي الناس من لا يستطيع أن يقوم مصلياً فيقهر كسل النفس وأثقال الجسد ويصبر علي العبادة ويتخذ منها الزاد ليكون من القوامين الشهداء.

> وحساب لقيامة ..واستشراف لعالم غيب..فتجلو فيه العبادة مرآة الروح ليبصر فيها المؤمن ما لا تراه العيون فتكون جائزة الدنيا: «ليلة قدر» هي قبس الغيب بملائكته ورحماته القدسية، وبشري بيوم قيامة يحصد المسلم فيه ما زرع من لحظات عبادة ..وبدون وعي بالقيامة وتلمس لسر الروح لا تصبر أمة علي العدل والعمل، وشتان بين سعي وعمل ابتغاء الدنيا وبين سعي وعمل من أجل حسن ثواب الدنيا ..والآخرة. رمضان ليس شهر عتق الأفراد من النار فحسب، إنه أيضاً شهر عتق الأمة من غرور الدنيا مع ردها في الوقت نفسه للوعي بحضارتها وحضورها في العالم، وهو مَعين لا ينضب من المعاني التي تقترن بمقاصد الشرع، فإن أقامت الأمة صيامها ووفت بشروطه كان من حقها أن تحتفل بعده.. جمعاء... بأيام عيدها.