سحابة الحب

ترى بم أبدأ؟!

تلزمني الحيرة دائما

إنها -مثل عمرو- لا تفتأ تفارقني

وإذا ما ظننت ذلك

فهي لا تلبث أن تعاودني

...

[ أسطورة نرجس ]

أمسك السيميائي بكتاب آتي به أحد الأشخاص القادمين في القافلة، لم يكن للكتاب غلاف، ولكنه استطاع مع ذلك التعرف علي المؤلف: أوسكار وايلد... أخذ يقلب الصفحات، فاستوقفته قصة كانت تتحدث عن نرجس.
وكان السيميائي يعرف أسطورة نرجس، ذلك الـشاب الـجميل الذي اعتاد أن يذهب كل يوم ليتملى من حسن صورته علي صفحة مياه البحيرة. كان يستغرق في تأمل صورته بافتتان، إلي أن سقط ذات يوم في البحيرة وغرق. وفي المكان الذي سقط فيه نبتت الزهرة التي نعرفها باسم النرجس.
ولكن أوسكار وايلد لم ينه قصته علي هذا النحو، بل قال إنه عندما مات نرجس جاءت حوريات الغابات إلي ضفاف تلك البحيرة العذبة المياه، فوجدنها قد تحولت إلي مستودع لدموع مالحة.
سألتها حوريات الغابات: لم تبكين؟... فردت البحيرة: أبكي علي نرجس.
عندئد قلن: ذلك لا يدهشنا،
لقد كنا جميعا نتعقبه في الغابات، أما أنت فكنت الوحيدة التي أمكنها أن تتملى من جماله عن قرب.
فسألتهن البحيرة: إذن فـهل كان نرجس جميلا؟
فردت حوريات الغابات في دهشة، ومن يسعها أن تعرف ذلك أفضل منك؟ إنما علي ضفافك أنت كان ينحنى كل يوم!
سكتت البحيرة هنيهة ثم قالت:
إني أبكي علي نجرس، غير أني لم أنتبه قط إلي أن نرجس كان جميلا؛
أنا أبكي علي نرجس لأنه في كل مرة كان ينحني فوق ضفتي،
كنت أستطيع أن أرى في عمق عينيه طيف جمالي!
قال السيميائي: "هاك قصة جميلة"، ثم ترك الكتاب محلقا مع السحاب...

[ سحابة الحب ]

امتطى العهد جواد القلب
أمسك بلجامه
وبعيدا حط رحاله
مضى يلاحق أحلامه
...
ما عادت تجديه تلك الأثقال
نسج منها أطياف آمال
خطها أحلاما
بل صنعها أفعال
نثرها
رياحينا تزهو علي الرمال
...
الآن يستطيع استعادة طريقه
كالفراشة تمضي للعلا
ترنو للمنى
تستصغر الذرى
...
وفي هدوء ورقة
تتهادى
في علوها
تتمادى
لتسمو فوق كل ما هو سفلي
في عزة تتسامى
...
وذات مساء
التقت الفراشة تلك السحابة
وفي السماء

فوق السحاب
طبعت علي جبينه أنسامها
وانطبعت في وجدانه الذكرى

أسماء يذكرها
عهدا يجدده

وآمالا
تبذرها

كالبشرى
والآن آن له أن يذكرها
...
فيا سحابة الحب
خذيني إلي البعيد
...
أنا لا أريد عودة
بل أبغي الجديد
...
طيري
حلِّقي
إني علي جناحيك
طفل سعيد
...
روحي هناك
فرِوحي يا سحابة
...
حلمي يقودك
روحي معناها تستعيد
...
لم الحلم شريد؟
لم أنا عني بعيد؟
...
قد سئمت
هذا العيش
سئمت الوعيد
...
كرهت العجز والذل
والفقر والجهل
طردت البعد
بغضت الجبن
عفت
عيش العبيد
...
ألا تبصرين ذلك
أم أن بصرك
اليوم
حديد؟

...

لا
...
لن أُقهر
لن أُكسر
لن انكسر
...
روحي بعد الآن
لا
لن تحصر
...
فالله أقوى وأكبر
الله أعظم وأقهر
...
أيها الحلم
إني أبصر
...
يا إلهي
إني أشكر
...
انظر يا عمرو
إن

الرحمة بعين الرأفة
إلينا تنظر
والغيث بسيله يطمر

ويمسح بدموعنا

الآلام والجراح

...

لا اليوم لا نواح

بل عزم بواح

وارتياح
...
أيها الحلم
هلا -بعد تمنع- تظهر
...
إني بغيرك كالأسير
بات في أسره
ونفسه من حسرة تقطر
...
أيها الظالمون
لن أقعد أو ألين
...
لن أتوانى
لن أستكين
...
فالدهر
من أطماعكم أقصر
...
والله أكبر
...
كفاك
يا عيش الطرب
واللهو واللعب
...
ألا فانطلقي بي
يا سحابة
ودعي هذا العبث
...
وأمطريني بالحب همسا
وبالمعرفة عشقا

وبالقصد نبلا
وبالنور ضيا
وبالعزم وثبا
وبالحلم أملا

وبالفكر اشتعالا
وبالجد سعيا
...


يا سحابة
لقد أوقدت السراج
وقد علمتني هبة من الرحمن
"
قد لمحت عيناك بصيصا من ضوء
فأسرج خيل الأمل
وبهمس... فلنتضرع
...
سنحيل مساحات الألم المقسوم خضار
ستهب نسائم قرب وتلف وجودك
تنير نجومك
...
تتحدى القيظ بغيمات
تتحدى الألم ببسمات
بدمعات
والقطر سيسبق غيثك
...
وسيسكن بعد الترحال الصعب
قلب... كان "مُروِّع"
"

...

وتبقى كلمة
القلب طاويها
...
وتبقى زفرة
الصدر يؤويها
...
وتبقى دمعة
رمش العين حاميها
...
وتبقى خطى
معا
لله
سوف نمشيها
...
ويبقى إنسان
يحيا بحلم
يسعى بأمل
...
يبقى إنسان


...


يبقى إنسان
بات الآن يرى الحقيقة دون زيف
يبصر الحقيقة بلا طيف
يمضي عازما فلا خوف

ليصحو الوسنان

وليفيق الكسلان
...
أخبرني صاحبي
في صوت كالبكاء:
إنها تجربة من ضياء
يحن بها الرحمن علي من سأل
"
وإن فؤادي يجيب السؤال عن المنطلق
...
المنطلق
فؤاد سمق
وحلم سبق
ونسر يطير
إذا ما
انطلق
"
...

هذا عن السحابة

أما

النسر
فقد انطلق!